السيرة الذاتية السيد نصرات قشاقش

السيد نصرات قشاقش

من مشاهير الخطباء المعاصرين، السيد نصرات قشاقش، وفي مطلع ترجمته قد يتسائل الكثير من الناس عن الإسم واللقب اللافتين للنظر، فهما ليسا من الأسماء المتعارفة أو الدارجة، ولا من الألقاب المألوفة في أوساطنا الإجتماعية، وإنما من الأسماء النادرة والغريبة بعض الشيء.

أصل التسمية

ما معنى نصرات؟ وما هو إعراب الألف والتاء؟ وهل أنهما ألف وتاء مزيدتان
الظاهر ان الاسم مركب من كلمتين وهو الاقرب لانه يتقوم به المعنى وهما كلمة نصر وكلمة آت ( نصرٌ آتٍ ).
وأما قشاقش على وزن مفاعل، فهو من التراكيب الصعبة، وهو جمع قشة، ولقد قيل أن أحد أجداده كان حريصاً على الحفظ، فقيل له إنك تحفظ حتى القشة، فغلب عليه اللقب، واشتهرت الأسرة به، ولو صح ذلك، فقد تحكمت أنظمة وقوانين الوراثة بالحفيد الخطيب الحافظ المكثر أن يتتبع حتى القشة والقشاقش، فيلتقطها ويحفظها، فهو أول خطيب يقرأ قصيدة صوت صفير البلبل بانحناء كلماتها، والتواء مفرداتها، وغرائب ألفاظها، وكل هذا يوحي بموهبة وحافظة نادرة قل نظيرها، فلله درّك أيها الخطيب الناجح الموفق، والبلبل المغرد الصادح بحب آل محمد الطيبين الطاهرين.

اسمه، مولده، نشأته ودراسته:

السيد نصرات موسى قشاقش العاملي، ولد في قرية حانين في جنوب لبنان، في الثامن عشر من شهر نيسان سنة ١٩٧٥م، وهي قرية حدودية مع فلسطين، وحانين كلمة عبرية، معناها بالعربية (قبة النور)، وسميت هكذا لأن فيها مسجد قديم عرف بمسجد بنات يعقوب، وكان يُرى فوقه دائماً قبة من النور، وكان يراها حتى أهل فلسطين، لذا سميت ب(حانين)، وبعد ستة أشهر من ولادته شن اليهود هجومهم بواسطة عملائهم في جنوب لبنان على قرية حانين، حتى أخرجوا الناس من بيوتهم، وذبحوا كثيراً من شباب ورجال القرية، ورموا جثثهم في الآبار، وهجّروا النساء والأطفال، وسلبوا حجاب الكثير من النساء، وكانت محنة كبرى على أهل هذه البلدة، وتفرق أهل القرية قسم الى قرى جبل عامل من قرى الشيعة، وقسم الى العاصمة بيروت، وأما عائلة السيد فانتقلت إلى العاصمة بيروت ليقيموا بها ويؤسسوا حياتهم بالمدينة، ويترعرع السيد بها، ويعيش الاجتياح الاسرائيلي على لبنان والوصول الى بيروت عام ١٩٨٢، وينشأ في تلك الظروف القاسية منطلقاً في رحلة العلم الأكاديمي في المدارس، ويكمل دراسته الأكاديمية بعد عدة تقطعات عرضت على رحلته المدرسية، الى أن انتسب الى الحوزة العلمية عام ١٩٩٤م في معهد الشهيد الأول للدراسات الإسلامية في بيروت، منطقة شاتيلا، والتي كان يرأسها العلامة الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، الذي كان عالماً فقهياً، وعلماً من أعلام الأمة الإسلامية، وفي أثناء رحلته العلمية الحوزوية عمل كأستاذ لمادة الدين في عدة مدارس في بيروت، وبقي يدرّس هذه المادة في المدارس قرابة أربع سنوات.

بين الخطابة والحوزة والجامعة:

كان السيد نصرات يخدم المنبر الحسيني منذ نعومة أظفاره، وكان حدث السن، وكان يعتلي منبر الحسين عليه السلام في لبنان في عدة مجالات، مرة يقرأ القرآن، ومرة يقرأ القصائد، وتارة يقرأ مدائح أهل البيت عليهم السلام، ولما وصل الى سن السابعة عشر من عمره بدأ يمارس الخطابة في أيام عاشوراء، وما إن اعتلى المنبر الحسيني حتى أصبح خطيباً لامعاً في بيروت، وصار الشباب يقصدون مجلسه من أماكن عديدة، فذاع صيته سريعاً في أوساط المجتمع اللبناني والجنوبي خاصة، وبعدها انتسب الى الحوزة العلمية، وبدأت رحلته الحوزوية تأخذ بيده الى رفع مستوى الخطابة، وأخذ يتجه نحو الثقافة العامة، مما أغنى منبره، ثم بعد انقطاع عن الأكاديمية عاود الدراسة، الى ان انتسب الى الجامعة وأكمل دراسة الماجستير في كلية الفلسفة والإلهيات في جامعة آزاد الإيرانية في لبنان، بيروت، وأكمل مرحلة الحوزة من المقدمات والسطوح والسطوح العليا الى البحث الخارج الذي لا يزال يتابع على أيدي الفضلاء من الأساتذة في لبنان وجبل عامل.

قراءة المجالس من لبنان إلى الخارج، وفي مقامات أهل البيت (ع)

ما إن عُرف في الأوساط الشيعية حتى انطلق لينشر ما حمل من العلم والمعرفة في سيرة سيد الشهداء الحسين عليه السلام خارج وطنه الأم لبنان، حتى دعي الى الكويت، وقرأ في عدة حسينيات، وظهر في عدة وسائل إعلامية شيعية، وقرأ في البحرين والإمارات والعراق وإيران وسوريا والسعودية ودول إفريقيا واوروبا واميركا، وعرف في أوساط الشيعة حتى أصبح وجهاً مألوفاً واسماً معروفاً، وتشرّف مرات عدة باستضافة العتبات المقدسة في العراق له، والقراءة في أروقة المعصومين عليهم السلام، فقرأ في العتبة الكاظمية في بغداد، وفي العتبة العلوية في النجف، وفي العتبة الحسينية في كربلاء، والعتبة العباسية، ولعله أكثر خطيب استضيف الى العتبة الحسينية بإقرار القييمين على المنبر الحسيني في العتبة الحسينية المقدسة.
تجربته مع الشعر:

تميز منبر السيد نصرات قشاقش بالأدب العربي، خصوصاً في مجال الشعر، فإنه يُعتبر أكثر حفظاً للشعر العربي في شتى المجالات، وحفظ خطب أهل البيت عليهم السلام، وفن إدراج القصة مع التحليل مع الشواهد وربطها مع كربلاء، والتصوير لفاجعة الطف الأليمة. ويعتبر السيد من الشعراء، فإنّ له مجموعة من الشعر بحق أهل البيت عليهم السلام، تكاد أن تصنف في ديوان منفرد للسيد، فقد كتب العديد من القصائد الولائية والحماسية، كما اشتهرت بعض قصائده حتى أصبحت معروفة لتميزها، مثل القصيدة المشهورة التي عنوانها “المحمدية العلوية” وغيرها من القصائد.

من أشعاره:

ومن القضايا التي حدثت معه في عالم الشعر، أنه قصد يوماً أحد أصحابه في الجنوب، فوجد مكتوباً فوق باب داره على لوحة (ع ع ع ع م م م م ح ح ح ج) ثم مكتوب تحتها “اللهم بحق هذه الرموز المقدسة احفظ هذا البيت” فقال السيد لصاحبه ما هذه الأحرف؟ فقال له: هذه الأحرف الأولى من أسماء أهل البيت عليهم السلام. فقال له السيد: أتُحب أن أنظمها لك أبياتاً من الشعر؟ فقال: بلى، فقال أعطني ورقة وقلم، وبدأ السيد يكتب بعدما أضاف الى هذه الأحرف (م)، وتعني النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، وحرف (ف) وتعني فاطمة عليها السلام فقال:
خُذْ هذِهِ مِنّي رُمُوزاً نَافعَةً وَابْدَأْ بِميمٍ ثُمَّ فاءٍ لامِعَةً
عَيْنٌ وَعَيْنٌ ثُمَّ عَيْنٌ بَعْدَها وَتَمامُ هذا النُّور عَيْنٌ رابِعَةٌ
مِيمٌ وَمِيمٌ ثُمَّ مِيمٌ ثُمَّ زِدّ مِيماً فَشَمْسُ الْحَقَّ تَغْدُو سَاطِعَةٍ
وَثَلاثُ حاءاتٍ وَأَكْمِلْ بِالَّتي مِنْ بَعْدِها جيِماً إِلَيْها تاَبِعَةً
تِلْكَ أَسْماءٌ عَظِيمٌ قَدْرُهَا تُنْجِيكَ مَا نَزَلَتْ بِكَ مِنْ وَاقِعَةٍ
وهكذا أصبح السيد نصرات أحد خطباء منبر الحسين عليه السلام والناشرين لعلوم آل محمد عليهم السلام وعلى جدّهم الصلاة والسلام.

الترجمة
للعلامة المؤلف والخطيب الحسيني
سماحة السيد داخل السيد حسن
من كتابه معجم الخطباء

Back to top button